بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يونيو 2019

شرح حديث قدسي : فضل الصيام

Posted by حمزة الصادقي  |  at  يونيو 30, 2019



(حديث قدسي) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ 

مَسْلَمَةَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، 

عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 

، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، 

قَالَ : الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَلَا يَرْفُثْ ، وَلَا 

يَجْهَلْ ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ ، 

فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ، وَالَّذِي 

نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ 

اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ 

، وَشَرَابَهُ ، وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ 

لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ 

أَمْثَالِهَا " .


شرح الفاظ الغريب :

قوله : ( فلا يرفث ) أي : الصائم ، 

كذا وقع مختصرا ، وفي " الموطأ " : 

"الصيام جنة ، فإذا كان أحدكم صائما 

فلا يرفث . . . إلخ" ويرفث بالضم 

والكسر ، ويجوز في ماضيه التثليث ، 

والمراد بالرفث هنا ، وهو بفتح 

الراء والفاء ، ثم المثلثة : الكلام 

الفاحش ، وهو يطلق على هذا ، وعلى 

الجماع ، وعلى مقدماته ، وعلى ذكره 

مع النساء أو مطلقا ، ويحتمل أن 

يكون لما هو أعم منها . 


قوله : ( ولا يجهل ) أي : لا يفعل 

شيئا من أفعال أهل الجهل كالصياح 

والسفه ونحو ذلك . ولسعيد بن 

منصور من طريق سهيل بن أبي صالح عن 

أبيه : " فلا يرفث ولا يجادل " 

قال القرطبي : لا يفهم من هذا أن غير 

الصوم يباح فيه ما ذكر ، وإنما 

المراد أن المنع من ذلك يتأكد 

بالصوم . 

قوله : ( والذي نفسي بيده ) أقسم 

على ذلك تأكيدا .

قوله : ( لخلوف ) بضم المعجمة واللام 

وسكون الواو بعدها فاء . قال عياض 

هذه الرواية الصحيحة ، وبعض الشيوخ 

يقوله بفتح الخاء ، قالالخطابي 

وهو خطأ ، وحكى القابسي الوجهين ، 

وبالغ النووي في " شرح المهذب " 

فقال : لا يجوز فتح الخاء ، واحتج 

غيره لذلك بأن المصادر التي جاءت 

على " فعول " - بفتح أوله - قليلة ، 

ذكرها سيبويه وغيره ، وليس هذا منها 

، واتفقوا على أن المراد به تغير 

رائحة فم الصائم بسبب الصيام . 

قوله : ( أطيب عند الله من ريح المسك ) 

اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من 

ريح المسك - مع أنه سبحانه وتعالى 

منزه عن استطابة الروائح ، إذ ذاك 

من صفات الحيوان ، ومع أنه يعلم 

الشيء على ما هو عليه - على أوجه . 

قال المازري : هو مجاز ؛ لأنه جرت 

العادة بتقريب الروائح الطيبة منا ، 

فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله ، 

فالمعنى أنه أطيب عند الله من ريح 

المسك عندكم ، أي : يقرب إليه أكثر 

من تقريب المسك إليكم ، وإلى ذلك 

أشار ابن عبد البر ، وقيل : المراد 

أن ذلك في حق الملائكة ، وأنهم 

يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما 

يستطيبون ريح المسك ، وقيل : المعنى 

أن حكم الخلوف والمسك عند الله على ضد 

ما هو عندكم ، وهو قريب من الأول . 

وقيل : المراد أن الله تعالى يجزيه في 

الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح 

المسك ، كما يأتي المكلوم وريح جرحه 

تفوح مسكا . وقيل : المراد أن صاحبه 

ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح 

المسك لا سيما بالإضافة إلى الخلوف ، 

حكاهما عياض 

قوله : ( يترك طعامه وشرابه وشهوته 

من أجلي ) هكذا وقع هنا ، ووقع في " 

الموطأ " : "وإنما يذر شهوته . . . 

إلخ" ، ولم يصرح بنسبته إلى الله للعلم 

به ، وعدم الإشكال فيه . وقد 

روى أحمد هذا الحديث عن إسحاق بن 

الطباع ، عن مالك فقال بعد قوله : " 

من ريح المسك " : يقول الله - عز وجل - 

: " إنما يذر شهوته . . . إلخ " 

كذلك رواه سعيد بن منصور عن مغيرة 

بن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد فقال 

في أول الحديث : يقول الله - عز وجل - 

: كل عمل ابن آدم هو له ، إلا الصيام 

فهو لي وأنا أجزي به ، وإنما يذر 

ابن آدم شهوته وطعامه من 

أجلي الحديث

قوله : ( الصيام لي وأنا أجزي به

كذا وقع بغير أداة عطف ولا غيرها ، 

وفي " الموطأ " " فالصيام " بزيادة 

الفاء وهي للسببية ، أي : سبب كونه 

لي أنه يترك شهوته لأجلي . ووقع في 

رواية مغيرة عن أبي الزناد عند سعيد 

بن منصور كل عمل ابن آدم له ، إلا 

الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ومثله 

في رواية عطاء عن أبي صالح الآتية ، 

وقد اختلف العلماء في المراد بقوله 

تعالى : " الصيام لي ، وأنا أجزي به 

" مع أن الأعمال كلها له ، وهو الذي 

يجزي بها على أقوال : أحدها : أن 

الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في 

غيره ، 

حكاه المازري ونقله عياض عن أبي 

عبيد ، ولفظ أبي عبيد في غريبه : قد 

علمنا أن أعمال البر كلها لله وهو 

الذي يجزي بها ، فنرى - والله أعلم - 

أنه إنما خص الصيام ؛ لأنه ليس يظهر 

من ابن آدم بفعله ، وإنما هو شيء في 

القلب . ويؤيد هذا التأويل قوله ، 

صلى الله عليه وسلم : " ليس في الصيام 

رياء " حدثنيه شبابة عن عقيل ، 

عن الزهري ، فذكره يعني : مرسلا ، 

قال : وذلك لأن الأعمال لا تكون إلا 

بالحركات ، إلا الصوم فإنما هو 

بالنية التي تخفى عن الناس ، وهذا 

وجه الحديث عندي .

قوله : ( والحسنة بعشر أمثالها

كذا وقع مختصرا عند البخاري ، وقد 

قدمت البيان بأنه وقع في " الموطأ " 

تاما ، وقد رواه أبو نعيم في " 

المستخرج " من 

طريق القعنبي شيخ البخاري فيه ، 

فقال بعد قوله : " وأنا أجزي به " 

كل حسنة يعملها ابن آدم بعشر 

أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلا 

الصيام فإنه لي وأنا أجزي به فأعاد 

قوله : وأنا أجزي به في آخر الكلام 

تأكيدا ، وفيه إشارة إلى الوجه 

الثاني . ووقع في رواية أبي 

صالح عن أبي هريرة في آخر هذا 

الحديث : " للصائم فرحتان يفرحهما " 

الحديث . وسيأتي الكلام عليه بعد ستة 

أبواب ، إن شاء الله تعالى .

شرح الحديث :


الحديث يتحدث عن فضل الصيام وعظيم 

منـزلته عند الله تعالى ويبين لنا 

الرسول صلى الله عليه و سلم في هذا 

الحديث القدسي ان الله ينهانا عن الرفث 

وهو الكلام الفاحش وكذالك نهانا 

الصائم ان يجهل و هو فعل شئ من 

أفعال أهل الجهل كالصياح وبين لنا الله 

تعالى على لسان نبيه عليه السلام 

كيفية الرد على شخص قاتلك او شتمك و 

انت صائم فيجب عليك تجنبه ماأمكنك 

وقل : اللهم إني صائم وبين كذالك ان 

رائحة فم الصائم اطيب من رائحة 

المسك

فوائد الحديث :


-أن الصائمين يوفون أجورهم بغير 
حساب ، فإن الأعمال كلها تضاعف بعشر 
أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام 
فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد 
بل يضاعفه الله عز وجل أضعافاً كثيرة .

فإن الصيام من الصبر ، وقد قال الله 
تعالى :  "إنما يوفى الصابرون أجرهم 
بغير حساب "  .

قال الأوزاعي : " ليس يوزن لهم ولا 
يُكال ، إنما يغرف غرفاً " .

-أن الله تعالى أضاف الصوم إلى نفسه من 
بين سائر الأعمال ، وكفى بهذه الإضافة 
شرفاً ، وهذا والله أعلم لكونه يستوعب 
النهار كله ، فيجد الصائم فقد شهوته 
، وتتوق نفسه إليها وهذا لا يوجد 
بهذه المدة في غير الصيام لا سيما في 
نهار الصيف لطوله وشدة حره .

وترك الإنسان ما يشتهيه لله تعالى هو 
عبادة مقصودة يثاب عليها ، ولأن 
الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع 
عليه إلا الله تعالى ، فهو عمل باطن لا 
يراه الخلق ولا يدخله رياء .

-أن الصائم إذا لقي ربه فرح بصومه ؛ 
وذلك لما يراه من جزائه وثوابه ، 
وترتب الجزاء عليه بقبول صومه الذي 
وفقه الله له 

بعد المصادر :

ـ صحيح البخاري
ـ فتح الباري في شرح صحيح البخاري
ـ موقع اسلام سؤال و جواب

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الرجوع للأعلى